الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فإن الحب في الله والبغض في الله أصل عظيم من أصول الدين لايكمل الإيمان إلا به كما قال
تعالى:( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) التوبة:71 أي يحب بعضهم بعضا في الله
وينصره قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:(في المحبة والموالاة، والانتماء والنصرة )
.اهـ تيسر الكريم الرحمن ص344
وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( من أعطى لله ومن لله
وأحب لله وأبغض لله وأنكح لله فقد استكمل الإيمان) رواه الترمذي وغيره وصححه
الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ح (380) .
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( ثلاث
من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء
لايحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)
ففي قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لايحبه إلا لله ) نفي كل سبب للمحبة غير أن تكون لله .
وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (
أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ) رواه الإمام أحمد في مسنده وحسنه الشيخ
الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ح ( 998 )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي أن لا يحب إلا لله ،
ولا يبغض إلا لله ، ولا يواد إلا لله ، ولا يُعادي إلا لله ، وأن يحب ما أحبه الله ، ويبغض ما
أبغضه الله ) مجموع الفتاوى ج8 ص337
و روى الإمام عبدالله بن المبارك في الزهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( أحب لله ،
وأبغض لله ، وعاد في الله ، ووال في الله ، فإنه لا تنال ولاية الله إلا بذلك ، ولا يجد رجل طعم
الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك ، وقد صارت مواخاة الناس اليوم في أمر
الدنيا ، وذلك ما لا يجزئ عن أهله شيئا يوم القيامة )ص120
إن الحب في الله والبغض في الله عبادة مقيدة بشرطا قبول العمل وهما الإخلاص وموافقة الشرع
فأما شرط الإخلاص فيتحقق بأن تكون المحبة خالصة لله سبحانه و ألا تزيد بغير سبب من
الأسباب الشرعية وكذلك البغض أن لايزيد ولاينقص إلا بالأسباب الشرعية كما دل عليه
قوله عليه الصلاة والسلام :(لايحبه إلا لله ) .
وقال يحى بن معاذ رحمه الله حقيقة الحب في الله أن لايزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء ) شذرات
الذهب ج2 ص138 والمقصود أن يكون حبه خالصا لله سبحانه فإن تأثر بالبر أو بالجفاء
فهو لحظ النفس لا لله .