ابو عبدالرحمان
عدد المساهمات : 89 التسجيل : 19/04/2013
| موضوع: شرح حديث إن الله حرم عليكم ثلاث روى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن الله حرم علي 21/4/2013, 13:01 | |
| روى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ، ومنعا وهات , ووأد البنات . وكره لكم قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال ))) رواه البخاري (1407) ومسلم (593) هذا الحديث من آداب الإسلام العظيمة ، إذا امتثله المسلم حفظ به عمرَه ، ومالَه ، وجهدَه ، ووقاه من شر النفس ونوازع التفريط والضياع . قوله (إن الله حرم عليكم ) التصريح بلفظ التحريم يدل على ان هذه الأمور الثلاثة من كبائر الذنوب . قوله(عقوق الأمهات ) وهذا من أول المحرمات ، وقدّمه لأهميته وكثرة وقوعه ، وإنما اقتصر على الأمهات مع تحريم عقوق الآباء أيضا لأن الاستخفاف بهن أكثر لضعفهن وعجزهن بخلاف الآباء ، ولينبه على تقديم برهن على بر الأب ، كما جاء في الحديث (( أن رجلا قال يا رسول الله : من أبر ؟ قال : أمك . قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أبوك )) رواه البخاري ومسلم . وقد نهى الله عز وجل عن قول ( أف ) للوالدين وعدّه عقوقا ، فنهى الله عز وجل عن إيذاؤها والإساءة إليها بالقول أو باليد حتى يدخل فيه إغماضة العين إشاحة الوجه . قال تعالى (( إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما)). قوله( ومنعا وهات ) المقصود به منع ما وجب أداؤه من الحقوق ، أما هات فالمقصود بها هنا ، طلب ما ليس له بحق . قال الحافظ : الحاصل من النهي منع ما أُمر بإعطائه وطلب ما لا يستحق قوله(وأد البنات): وأد البنات بالهمز فهو دفنهن في حياتهن فيمتن تحت التراب وهو من الكبائر الموبقات لأنه قتل نفس بغير حق، ويتضمن أيضاً قطيعة الرحم، وإنما اقتصر على البنات لأنه المعتاد الذي كانت الجاهلية تفعله. ==================================================== قوله(كره لكم): أي: ثلاث خصال كرهها الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، والمؤمن إذا علم أن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى كره شيئاً فإن عليه أن يجتنبه، لأن هذا الأمر هو مما لم يشرعه الله بل نهى عنه وشرع ضده، . قوله (قيل وقال ) والمراد به النهي عن حكاية أقوال الناس ، والبحث عنها ليخبر غيره ، فيقول : قال فلان كذا وقيل لفلان كذا ,ويتضمن النهي عن تسقط اخبار الناس ومحاولة إذاعتها ونشرها من غير تثبت ولا تحفظ ، ولا فرق بين ما ينبغي نشره وما لا ينبغي ، يتكلمون في كل ما لا يعنيهم . ولا شغل لهم في المجالس إلا أن يقولوا : قال فلان ، وقيل لفلان. "قوله : (وكثرة السؤال) وقد ذكر العلماء رحمهم الله في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم (وكثرة السؤال) أوجها عديدة ، كلها تدخل في إطلاق هذا اللفظ ، وهي : 1- سؤال الناس أموالهم ، وبذل ماء الوجه في سبيل ذلك . 2- سؤال العلماء عن المسائل العويصة التي لا تنفع المسلمين ، وإنما تفتح عليهم أبواب النزاع ، وتثير بينهم مكنون الشقاق . 3- السؤال عن المسائل التي يندر وقوعها أو يستحيل ، لما فيه من التنطع والتكلف . 4- كثرة السؤال عن أخبار الناس وأحداث الزمان وتفاصيل الوقائع مما لا يقدم منفعة وإنما يضيع به الوقت . 5- كثرة سؤال إنسان بعينه عن تفاصيل حاله ، والدخول في خصوصيات حياته التي يكره أن يطلع الناس عليها ، فيقع في الضيق والحرج بسبب سؤاله عن ذلك . 6- سؤال السائل عما لا يعنيه ، ولا شأن له به . وهذه أمور مذمومة كلها – كما ترى - فالأوجَهُ في تفسير الحديث حمله على إطلاقه ، واعتبار أن كل ما دل الشرع والأدب على كراهة السؤال عنه وكراهة طلبه فهو داخل في هذا الحديث . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : "قوله : (وكثرة السؤال) هل هو سؤال المال ، أو السؤال عن المشكلات والمعضلات ، أو أعم من ذلك ؟ الأولى حمله على العموم . وقد ذهب بعض العلماء إلى أن المراد به كثرة السؤال عن أخبار الناس وأحداث الزمان ، أو كثرة سؤال إنسان بعينه عن تفاصيل حاله ، فإن ذلك مما يكره المسئول غالبا ، وقد ثبت النهي عن الأغلوطات . أخرجه أبو داود من حديث معاوية . وثبت عن جمع من السلف كراهة تكلف المسائل التي يستحيل وقوعها عادة أو يندر جدا ، وإنما كرهوا ذلك لما فيه من التنطع والقول بالظن ، إذ لا يخلو صاحبه من الخطأ" انتهى . "فتح الباري" (10/407) . وقال القرطبي رحمه الله : "والوجه : حمل الحديث على عمومه ، فيتناول جميع تلك الوجوه كلها" انتهى . "المفهم" (5/164) . وقال النووي رحمه الله : "وأما (كثرة السؤال) فقيل : المراد به القطع في المسائل ، والإكثار من السؤال عما لم يقع ولا تدعو إليه حاجة ، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك ، وكان السلف يكرهون ذلك ويرونه من التكلف المنهي عنه ، وفي الصحيح : (كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها) . وقيل : المراد به سؤال الناس أموالهم وما في أيديهم ، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك . وقيل : يحتمل أن المراد كثرة السؤال عن أخبار الناس وأحداث الزمان وما لا يعني الإنسان ، وهذا ضعيف ؛ لأنه قد عرف هذا من النهي عن (قيل وقال) . وقيل : يحتمل أن المراد كثرة سؤال الإنسان عن حاله وتفاصيل أمره ، فيدخل ذلك في سؤاله عما لا يعنيه ، ويتضمن ذلك حصول الحرج في حق المسؤول ، فإنه قد لا يؤثر إخباره بأحواله ، فإن أخبره شق عليه ، وإن كذبه في الأخبار أو تكلف التعريض لحقته المشقة ، وإن أهمل جوابه ارتكب سوء الأدب" انتهى . "شرح مسلم" (12/11) . وعلى هذا ، فمعنى (كثرة السؤال) أي : سؤال الناس . وأما سؤال الله ودعائه فهو من أفضل العبادات ، فالله تعالى يحب من عباده أن يسألوه ، ويحب الملحين في الدعاء . قوله(وإضاعة المال ) يعني تبذيره وإنفاقه في غير الوجوه المأذون فيها من مقاصد الدنيا والآخرة ،وإتلافه في غير مصلحة دينية ولا دنيوية ، مما يدل على روح التهاون والاستخفاف بما جعله الله قياما لعباده ، ما لو انفق في وجوه الخير وإعداد القوة لعاد على الأمة بالخير العظيم قال تعالى (( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما)). وسبب النهي أنه إفساد والله لا يحب المفسدين، ولأنه إذا أضاع ماله تعرض لما في أيدي الناس 1 | |
|